الرياضة

مؤمن الجندي يكتب: بالونة مزدوجة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر مؤمن الجندي يكتب: بالونة مزدوجة في المقال التالي

أحمد جودة - القاهرة - الكلمات ليست مجرد أصوات تنبعث من الحناجر، بل هي مفاتيح تُفتح بها أبواب القلوب، أو تُغلق بها.. والتصرفات ليست مجرد حركات عابرة في مسرح الحياة، بل هي رسائل مشفّرة تعبّر عن باطن النفوس ومكنون العقول! غير أن الإشكالية الكبرى تكمن حين تتعارض الكلمة مع نيتها، والموقف مع جوهره، لتصبح أداة للغموض والازدواجية، حاملةً معنيين متناقضين، أحدهما يعلن وآخر يضمر.

حين يكون الشخص في موضع مسؤولية، فإن لكل كلمة ينطقها، ولكل قرار يتخذه، أصداءً تتجاوز ذاته، وتمتد إلى حياة الآخرين، هنا تكمن خطورة الازدواجية؛ أن يبتسم في وجه الجمهور وهو يخطط لإثارة عاصفة خلف الستار، أن يدعي الحكمة وهو صانع الأزمات، أن يتحدث عن الخير وهو يعبّد الطريق للمكائد، أو حتى عكس كل ذلك.

إن المسؤولية لا تقتصر على اتخاذ القرار، بل تتعدى ذلك إلى التفكير العميق في أبعاده وتبعاته! فالقرار كلمة، والكلمة موقف، والموقف حياة.. فإن كان الشخص المسؤول غير قادر على التفكير الرشيد، فعليه أن يستعين بمن يُحسن ذلك! وإن عز عليه وجود من يعينه، فليصمت وليبتعد عن صُنع الإثارة من وقت لآخر.

إمام عاشور، لاعب ، بطل أزمة جديدة من أزماته "التريند"، ألقت بظلالها على المشهد الرياضي بعد احتفاله المثير للجدل بهدفه في مرمى سموحة، وضع اللاعب بالونة على فمه ونفخها احتفالًا، وهو تصرف بسيط في ظاهره، إلا أنه أثار موجة عارمة من الانتقادات بسبب لون البالونة الأبيض، الذي اعتبرته جماهير عديدة إيحاءً بنادي الزمالك، النادي السابق للاعب! هذه العاصفة النقدية أخذت منحى أوسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من رأى في الأمر استفزازًا مقصودًا، ومن اعتبره تصرفًا عفويًا لا يحمل أي دلالات.

شوائب المعاني المزدوجة

رغم توضيح إمام عاشور لاحقًا بأنه لم يكن يقصد أي إساءة أو إشارة، فهو مجرد احتفال اتفق عليه مع طفلته، إلا أن الموقف يكشف أهمية تحلي اللاعبين بالوعي والمسؤولية في أفعالهم، خصوصًا في بيئة مشحونة بالعواطف كالرياضة المصرية! الاحتفال بالأهداف حق مشروع، لكنه يجب أن يبقى في إطار الروح الرياضية، بعيدًا عن التأويلات التي قد تفتح أبواب الجدل. 

على عاشور أن يدرك أن كونه لاعبًا في نادٍ كبير مثل الأهلي يضعه تحت المجهر، وعليه أن يحرص مستقبلًا على تصرفاته لتجنب أي مواقف تحمل معنيين قد تثير غضب الجماهير وتُلهب الخلافات، فإذا ما أراد الإنسان المسؤول أن يكون مصدر إلهام وإصلاح، فعليه أن يوازن بين قوله وفعله، وأن يُخلص كلماته وتصرفاته من شوائب المعاني المزدوجة.

في النهاية، إن المسؤولية ليست ترفًا أو خيارًا، بل هي واجب يستدعي عمق التفكير ونقاء النية! فإن كنت شخصًا مسؤولًا ولم تستطع التفكير بوضوح، فلا عيب في أن تستعين بمن يساعدك.. أما إذا اخترت الطريق السهل للعب بالكلمات وصُنع الأزمات، فاعلم أنّك تترك خلفك إرثًا من الخراب قد يُلاحقك حتى بعد غيابك.

الكلمة سلاح، والموقف حياة، والصمت حكمة.. اختر بحكمة، لتُصان الكلمة ويُحفظ الموقف، ويسود السلام.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

Advertisements

قد تقرأ أيضا