دبي - احمد فتحي في الأحد 5 يناير 2025 06:15 مساءً - فاطمة أبو زيد ويارا الجنايني _ قال خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية ورئيس شركة مكارم تكس، إن الجهود الحكومية الأخيرة لدعم القطاع الصناعي تُعد تحركًا إستراتيجيًّا ومهمًّا لمعالجة القضايا الملحّة التي تعوق نمو وتطوير الصناعة المحلية.

واعتبر المبادرتين المعلن عنهما مؤخرًا بمثابة استجابة مباشرة لتحديات رئيسية، أبرزها نقص التمويل اللازم لتحديث خطوط الإنتاج وارتفاع التكاليف التشغيلية التي تثقل كاهل المصانع، لا سيما تلك التي تسعى للتوسع وزيادة تنافسيتها محليًّا ودوليًّا.

أضاف أبو المكارم في تصريحات لجريدة دوت الخليج أن التوسع في المناطق الأكثر احتياجًا للتنمية يشكل إستراتيجية جوهرية لخطط العديد من الشركات، مشيرًا إلى أن هذه المناطق توفر فرصًا غير مسبوقة لتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي وتحقيق وفورات تشغيلية ملموسة. وتابع أن الحوافز التي تقدمها الحكومة ضمن مبادرات التمويل الأخيرة تُعد بمثابة أدوات تمكينية لدعم الاستثمار الصناعي في تلك المناطق، ما يساهم في تحسين توزيع الأنشطة الاقتصادية وخلق تنمية شاملة ومتوازنة.

وأشار أبو المكارم إلى أن مجموعة واسعة من القطاعات الصناعية مؤهلة للاستفادة من التسهيلات التمويلية المقدمة، وأبرزها الصناعات الكيماوية، التي تعد ركيزة أساسية للصناعات التحويلية، إلى جانب الصناعات الهندسية والغذائية، وقطاعات الغزل والنسيج وصناعة الأثاث. وأوضح أن هذه القطاعات تمتلك إمكانيات كبيرة لزيادة القيمة المضافة المحلية وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق الدولية.

75 مليون جنيه سقف التمويل غير كافٍ لتوسعات الشركات الكبرى

وفيما يتعلق بسقف التمويل المحدد بـ75 مليون جنيه للعميل الواحد و100 مليون للأطراف المرتبطة، أكد أبو المكارم أن هذا السقف يلبي احتياجات العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلا أنه قد يكون غير كافٍ لتغطية متطلبات التوسعات الكبرى، خصوصًا في الصناعات الثقيلة أو المشروعات ذات الطابع الابتكاري.

شروط التمويل تحفز الجدية لكنها تُعقّد انطلاق المشروعات الجديدة

وبشأن الشروط المفروضة للحصول على التمويل، مثل ضرورة الحصول على رخصة البناء والانتهاء من الإنشاءات، وصف رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية هذه الشروط بأنها تعكس رغبة الحكومة في ضمان الجدية والاستدامة للمشروعات المستفيدة. إلا أنه أشار إلى أن هذه المعايير قد تشكل تحديات لبعض المشروعات الجديدة التي لا تزال في مراحل التخطيط أو التنفيذ الأولي، داعيًا إلى تفعيل سياسات داعمة أكثر انفتاحًا لتسريع دخول تلك المشروعات إلى حيز الإنتاج.

أما عن سعر العائد المدعم البالغ 15%، فقد اعتبره أبو المكارم خطوة نوعية نحو دعم القطاع الصناعي، مشيرًا إلى أن هذا السعر يخفف من الأعباء التمويلية ويحفز الاستثمار في ظل ارتفاع أسعار الفائدة السوقية. ورغم ذلك، دعا إلى تقديم حوافز إضافية للمشروعات ذات الأولوية الإستراتيجية، لا سيما تلك التي تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليص فجوة الاستيراد، مشددًا على أن السياسات المالية الداعمة يجب أن تُصمم بشكل دقيق لتحقيق أقصى أثر تنموي.

وفيما يتعلق بالشق الآخر من المبادرة، المتمثل في الحوافز الإضافية المرتبطة بزيادة القيمة المضافة المحلية، أبدى خالد أبو المكارم ترحيبه الكبير بهذه الخطوة التي وصفها بأنها جوهرية لتعميق التصنيع المحلي. وأوضح أن هذا النوع من الحوافز يشجع على تعزيز الاعتماد على الموردين المحليين، ويدفع الشركات لتطوير منتجات أكثر ابتكارًا. وأكد أن الشركات الكبرى بدأت بالفعل في تبني إستراتيجيات لتحقيق زيادات تتراوح بين 7% و10% في القيمة المضافة، عبر استثمارات إضافية في التكنولوجيا والتدريب وتعزيز التعاون مع الموردين المحليين.

تسعير الغاز بناءً على متوسط سعر الصرف يتطلب آليات لمواجهة التقلبات

أما المبادرة الثانية، التي أطلقتها وزارة البترول، فقد وصفها أبو المكارم بأنها رافعة مالية للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، حيث توفر تسهيلات تقسيط المديونيات وتحفز على تقليل أعباء التكاليف التشغيلية. ولفت إلى أن هذه التسهيلات تأتي في وقت تحتاج فيه المصانع إلى موارد إضافية للتوسع، معتبرًا أن تقسيط تكلفة توصيل الغاز الطبيعي دون فوائد، بالإضافة إلى تمديد مهلة سداد الفواتير إلى 30 يومًا، يمثلان دعمًا فعّالًا للمصانع الناشئة والمشروعات التوسعية.

وفيما يخص تسعير الغاز، أكد رئيس شركة مكارم تكس أن هذا القرار يعزز من عدالة التنافسية ويوفر بيئة استثمارية متوازنة. كما نوه إلى أن استخدام متوسط سعر الصرف للشهر السابق كآلية لحساب تكاليف الغاز يساهم في تحقيق قدر من الاستقرار المالي للمصانع، لكنه قد يواجه تحديات في حالة تقلب أسعار الصرف بشكل حاد.

وعلى الرغم من الإيجابيات التي تتضمنها هذه المبادرات، دعا أبو المكارم إلى إطلاق سياسات تكاملية لتوسيع نطاق الدعم الحكومي. وطالب بزيادة سقف التمويل للمشروعات الكبرى، وخفض إضافي لتكاليف الطاقة خاصة للصناعات كثيفة الاستهلاك، وتقديم دعم موسّع للبحث والتطوير بهدف تشجيع الابتكار وإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة أعلى. كما اقترح تقديم حوافز ضريبية إضافية للشركات الصناعية الناشئة وللمصانع التي تركز على التصدير.

وفي إطار التصدير، شدد على أهمية تسريع صرف الدعم المالي المرتبط بالصادرات، مع إطلاق مبادرات تستهدف فتح أسواق جديدة في إفريقيا والأسواق الناشئة. وأكد على ضرورة الدعم اللوجستي الفعّال للشحن والتخزين في الأسواق الخارجية، مشددًا على ضرورة توفير مناطق صناعية متكاملة مزودة بخدمات لوجستية حديثة وبنية تحتية متطورة لدعم الإنتاج والتصدير.

وفيما يتعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتي، أكد أبو المكارم أن المبادرات المُعلنة، إذا ما نفذت بفاعلية واستمرارية، قادرة على سد فجوة الاستيراد في بعض القطاعات الحيوية. لكنه أشار إلى أن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب حوكمة دقيقة وتنسيقًا مستمرًّا بين الجهات المعنية لضمان تحقيق النتائج المرجوة. وأعرب عن أمله في أن تشكل هذه المبادرات نواة لإستراتيجية صناعية شاملة تضع مصر في مكانة تنافسية متقدمة على المستويين الإقليمي والدولي.