الرياض - محمد الاطلسي - فاجأت جمهورية مصر العربية، الجميع بإعلان استجابتها لدعوة اطلقها زعيم جماعة الحوثي الانقلابية، في خطابه الاخير، مساء الاربعاء، بشأن الملاحة الدولية في البحر الاحمر، ودور الدول المطلة على البحر الاحمر حيال التحرك العسكري الامريكي وتداعيات الاخير على الملاحة وسلامتها.
جاء هذا الاعلان، على لسان وزير الخارجية المصري، مخالفا للتحشيد الامريكي لتحالف دولي عسكري باسم "حراس الرخاء" ونشر قوات متعددة الجنسيات في باب المندب وخليج عدن والبحر الاحمر، بعنوان "حماية الملاحة الدولية من هجمات المليشيا البحرية لجماعة الحوثي" ضد السفن الاسرائيلية.
وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني ديفيد كاميرون: إن "الدول المطلة على البحر الأحمر تتحمل مسؤولية حماية حرية الملاحة". مضيفا: إن "مصر تواصل التعاون مع العديد من شركائها لتوفير الظروف المناسبة لحرية الملاحة في البحر الأحمر".
ونفى الوزير المصري سامح شكري، في المؤتمر الصحفي المنعقد الخميس بالعاصمة المصرية القاهرة، الحاجة للتحالف الدولي، بقوله: إن مصر والدول المطلة على البحر الاحمر "مستمرون في تأمين حركة الملاحة في البحر الأحمر، ومنع حدوث أي تأثيرات سلبية تؤثر على حركة الملاحة" الدولية.
من جانبه، تمسك وزير خارجية بريطانيا، ديفيد كاميرون، بالتحالف الدولي العسكري الذي اعلنت واشنطن ولندن وباريس تشكيله، محذرا من "خطر مهاجمة السفن في البحر الاحمر"، ومشددا على أنه "يجب منع ذلك تماما وضمان أمن الملاحة في البحر الاحمر حتى لا تتأثر سلاسل الامداد".حد زعمه.
والاربعاء، قال زعيم جماعة الحوثي الانقلابية، عبدالملك الحوثي: إن ""المجال مفتوح لحركة السفن التجارية في البحرين الأحمر العربي وخليج عدن وباب المندب، واستمرت حركة السفن بالمئات بأمان. تحركنا حصريًا في موقف معلن إعلاميا وعبر التواصل الدبلوماسي، يستهدف السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل".
مضيفا: "نستهدف السفن التي إما ملكيتها للإسرائيليين أو يملكون جزءًا منها أو تذهب إلى موانئ فلسطين المحتلة جالبة المؤن للعدو الصهيوني.العمل في البحر لا يستهدف أي سفن أخرى ولا يضر بالملاحة الدولية". حد تعبيره.
وخاطب دول العالم والمنطقة والمطلة على البحر الاحمر، بقوله: إن "من يتحرك مع الأمريكي ويورط نفسه في حماية السفن الإسرائيلية يعلم أنه يقدم خدمة لإسرائيل حصرا ويضر بالملاحة الدولية. على دول العالم أن تنتقد الأمريكي والذين يتطفلون معه من الدول البعيدة التي تأتي لتهدد الملاحة وتعسكر البحر الأحمر".
مضيفا في كلمته المتلفزة: "وعلى الدول المطلة على البحر الأحمر أن يكون لها موقف صريح ضد الموقف الأمريكي الذي ينتهك حقوق هذه البلدان ويهدد أمنها واستقرارها. كل البلدان على شواطئ البحر الأحمر تقع عليها مسؤولية التحرك ضد الموقف الأمريكي العدوان المتطفل المضر بالملاحة الدولية". حسب تعبيره.
وتابع: "أوجه النصح لكل الدول التي يسعى الأمريكي لتوريطها بألا تورط نفسها، وألا تضحي بمصالحها وألا تخسر أمن ملاحتها خدمة للصهاينة". وأردف: "نقول للدول الأوروبية، ليس على سفنكم التي لا تذهب إلى كيان العدو أي خطورة، لكن عندما تتورطون مع الأمريكي فأنتم تخاطرون بمصالحكم بكل ما تعنيه الكلمة".
عارضا وقف الهجمات على السفن الاسرائيلية، بقوله: "الأمريكي يسعى لحماية السفن الإسرائيلية لأنه يريد استمرار الجرائم في غزة، وإلا فالحل الصحيح هو وقف العدوان والحصار على غزة. تحرك الأمريكي في البحر الأحمر هو تحرك غير قانوني، بل عدوان وإجرام وبلطجة وتصرف متوحش يسعى لخدمة الإسرائيليين". حد وصفه.
وكشف زعيم جماعة الحوثي، عن خطته وما يراهن عليه في المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية، وخوض الحرب المباشرة مع امريكا، متحدثا عن امتلاك مليشياته اسلحة كفيلة بردع تحرك التحالف العسكري الدولي بقيادة امريكا إلى البحر الاحمر، زاعما ان مليشياته لا تمنع مرور اي سفن عدا السفن الاسرائيلية والمتجهة للكيان.
يأتي هذا ردا على إطلاق الولايات المتحدة الامريكية، الاثنين، من عاصمة كيان الاحتلال الاسرائيلي تل ابيب (حيفا) رسميا، تحالفا عسكريا دوليا، يضم 39 دولة كشفت اسم 10 منها وتحفظت على الاخرى، وأعلنت بدء عملياته في البحر الاحمر ضد جماعة الحوثي الانقلابية، لردع تهديداتها الملاحة والسفن الاسرائيلية والسفن المتجهة الى الكيان الاسرائيلي.
سبق هذا، اعلان القيادة المركزية للقوات الامريكية، الاربعاء (13 ديسمبر) عن تشكيل تحالف عسكري دولي بقيادة امريكا وعضوية 39 دولة بينها اليمن، لحماية الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الاحمر والبحر العربي، والتصدي لهجمات المليشيا البحرية لجماعة الحوثي، المتصاعدة على السفن الاسرائيلية والسفن المتجهة لموانئ الكيان الاسرائيلي.
وتواصل جماعة الحوثي الانقلابية، تصعيد هجماتها البحرية منذ استيلائها في 19 نوفمبر الماضي، على سفينة الشحن التجارية "ذا جلاكسي ليدر" المملوكة لرجل الاعمال الاسرائيلي ابراهام اونغر ارامي، بعد عبورها من قناة السويس واثناء مرورها في مياه البحر الاحمر باتجاه الهند، واقتيادها الى ميناء الصليف الخاضع لسيطرتها.
تصاعدت الهجمات الحوثية البحرية لتتجاوز السبع سفن، أخرها الاثنين (18 ديسمبر) سفينة ‘سوان اتلانتك‘ محملة بالنفط والأخرى سفينة ‘إم إس سي كلارا‘ تحمل حاويات اثناء توجههما الى إسرائيل بعد رفضهما الاستجابة للتحذيرات" حسب بيان للمتحدث العسكري للحوثيين، وبلاغات هيئات دولية متخصصة بالملاحة البحرية.
ويترافق هذا مع مواصلة مليشيا الحوثي، تنفيذ هجمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة، باتجاه الكيان الاسرائيلي، واخرها حسب تأكيد جيش الاحتلال الاسرائيلي، والمتحدث العسكري للحوثيين، هجوم عاشر السبت (16 ديسمبر) بـ "دفعة صواريخ ومسيرات على ايلات (ام الرشراش) المحتلة جنوبي فلسطين".
تهدد الهجمات الحوثية في باب المندب والبحر الاحمر باثار اقتصادية كبرى، اقليميا ودوليا، إذ "يتم شحن 8.8 مليون برميل نفط خام يوميا من دول الخليج إلى أوروبا والولايات المتحدة والصين عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ما يجعله واحدا من أهم نقاط التجارة العالمية" حسب تأكيد إدارة معلومات الطاقة الامريكية، وتحذيرات دول عدة.
وتسببت الهجمات الحوثية البحرية حتى الان، في اعلان شركات شحن بحري كبرى، ابرزها "ميرسك" الدنماركية و"هاباج لويد" الالمانية و(CMACGM) الفرنسية، ايقاف خط سير سفنها عبر باب المندب والبحر الاحمر، والاضطرار لتغيير مسار رحلاتها عبر طريق رأس الرجاء الصالح والدوران حول قارة افريقيا، ما يضاعف زمن الرحلة وتبعا نفقاتها.
كما أعلنت، الاثنين (18 ديسمبر) شركة "إيفرجرين لاين" التايوانية "تعليق رحلات سفن الحاويات التابعة لها عبر البحر الأحمر حتى اشعار اخر، وتحويلها لتمر حول رأس الرجاء الصالح". لتنضم شركة الشحن العالمية "OOCL" ومقرها هونغ كونغ، التي اعلنت الاحد (17 ديسمبر) "التوقف عن شحن البضائع من وإلى الكيان الإسرائيلي فورا وحتى إشعار آخر".
في المقابل، تشهد الاوساط السياسية والشعبية، اتساع دائرة جدل واسع، حسمه الزنداني بإصداره اعلانا هاما موجها إلى اليمنيين عموما، وكوادر وقواعد حزب التجمع اليمني للإصلاح، خصوصا،بشأن التحرك لنصرة فلسطين واسناد المقاومة الفلسطينية في غزة، بما فيه استهداف جماعة الحوثي الكيان الاسرائيلي وسفنه في باب المندب والبحر الاحمر.
وأصدر علماء السنة والجماعة في عدن والمحافظات الجنوبية، فتوى دينية شرعية في "المجلس الانتقالي" تحرم وتجرم تعاونه واي قوات في الجنوب مع الكيان الاسرائيلي في حماية سفنه ومصالحه، التي باركت استهدافها، ودعت الى استمرارها، كما دعت منتسبي مختلف القوات في المحافظات المحرررة الى عصيان قياداتها ورفض حماية السفن الاسرائيلية.
عزز هذا مواصلة جيش الاحتلال الاسرائيلي شن غارات جوية وقصف بحري وبري بقنابل هائلة وقذائف محرمة الاستخدام دوليا، ابرزها القنابل العنقودية وقنابل الفسفور الابيض، مخلفا دمارا هائلا في البنية التحتية والمنشآت المدنية بقطاع غزة، وموقعا عشرات الآلاف من القتلى والجرحى المدنيين، جلهم من الاطفال والنساء، علاوة على حصاره الخانق للقطاع.
وأججت أميركا الرأي العام اليمني والعربي باستمرارها في توفير الغطاء السياسي للكيان الاسرائيلي، وتعطيلها للمرة الثالثة، الجمعة (8 ديسمبر)، بالفيتو، صدور قرار عن مجلس الامن الدولي بوقف العدوان الاسرائيلي على غزة، بعد تفعيل امين الامم المتحدة المادة 99 باعتبار الحرب على غزة "تهدد بانهيار النظام العام للامم المتحدة، والامن والسلم الدوليين".
من جانبها، استنكرت عدد من الدول العربية الموقف الامريكي. بينما أكد سياسيون وقانونيون "سقوط الشرعية الدولية". ونوهوا إلى أن "امريكا اختارت بنفسها هدم مؤسسات التشريع الدولي، ولم يعد لمجلس الأمن قيمة أو الأمم المتحدة". مشددين أن "وقوف واشنطن بوجه المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، يعني تقويضها لشرائع اكبر مؤسسة دولية في العالم".
يشار إلى أن محصلة ضحايا العدوان الإسرائيلي تجاوزت "22600 قتيلا فلسطينيا (بينهم 6000 طفل و4000 امرأة و668 مسنا)، والمصابين 50100، منذ 7 أكتوبر الفائت". في مقابل "1400 قتيلا من الاسرائيلين بينهم نحو 500 ضباط وجنود، ونحو 3000 جريح". فيما أسرت "حماس" نحو 250 إسرائيليا، حسب ناطق "كتائب القسام"، ابو عبيدة.