«منسي بقى اسمه الأسطورة»، ليست جملة يجري تردديها في أغنية أو قصيدة، ولكنها حقيقة وواقعا، ارتبطت بأيقونة مصرية، شابة من خيرة أبناء الوطن و«خير أجناد الأرض»، ضحى بنفسه من أجل أن يعيش الوطن وأبناؤه في أمن وأمان وسلم وسلام، في مثل هذا اليوم 7 يوليو عام 2017، في أثناء التصدي لهجوم إرهابي في سيناء، إنه الشهيد البطل العقيد أحمد منسي، قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي بذل روحه واستشهد في حادثة كمين البرث.

الذكرى المؤلمة للمصريين، هي السابعة التي تحل علينا، وتعيد إلينا ذكريات صعبة في فترة حرجة من تاريخ تثبيت دعائم الدولة المصرية، بتطهير شبه جزيرة سيناء من الإرهاب والعناصر التكفيرية، في أحد أهم المعارك التي خاضها الجيش المصري، في التاريخ الحديث بعد نصر أكتوبر، لإنهاء سرطان خبيث انتشر في سيناء، خلال فترة من الانفلات الأمني عقب ثورة يناير 2011.

كان منسي هدفا ثمينا، للجماعات التكفيرية الإرهابية في سيناء، لدوره البارز في تكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، مع زملائه من أبطال الصاعقة المصرية، لتكتب نهاية تلك الأسطورة في حادثة كمين مربع البرث بمدينة رفح الفلسطينية، في مشهد لخص الصمود والتمسك بالأرض حتى آخر نفس.

تفاصيل ملحمة كمين البرث

في فجر يوم 7 يوليو 2017 هاجم تكفيريون وصل عددهم إلى 150 عنصرًا إرهابيًا، كمين مربع البرث، بمدينة رفح الحدودية مع قطاع غزة في شمال سيناء، لاحتلاله لأهميته كشوكة في ظهرهم، ليجدوا بسالة وشجاعة ووطنية منقطعة النظير، ودفاعا مستميتا من منسي ورجاله، حتى استشهد وآخرون في نهاية الأمر، بعد معركة استمرت لقرابة 4 ساعات، مخلدا ذكراه بأحرف من نور في تاريخ العسكرية المصرية، والشرف والوطنية والولاء.

كمين البرث كان نقطة مهمة للتكفيرين سعوا بكل قوة للسيطرة عليه فهو الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي إلى باقي أنحاء سيناء، ومركز لانطلاق العمليات النوعية التي أوقعت الكثير من التكفيريين والإرهابيين، ولكنهم لم ينجحوا في النهاية، وبقى الكمين تحت سيطرة القوات المسلحة المصرية.

الشهيد منسي الذي خُلدت ذكراه منذ اسستشهاده وأصبح أيقونة وأسطورة حية على مدار السنوات الماضية، أصيب خلال المعركة، بطلقات نارية، إلا أنه واصل القتال بشجاعة، حتى استشهد بطلقة قناصة أطلقت اتجاه رأسه من الخلف، من مواليد 4 أكتوبر 1978، بمركز منيا القمح، بمحافظة الشرقية.

مسيرة المنسي 

التحق منسي بالكلية الحربية، وتخرج فيها ضمن الدفعة 92 حربية، وعمل ضابط بوحدات الصاعقة، وخدم لفترة طويلة في الوحدة 999 قتال، والتحق بأول دورة للقوات الخاصة الاستكشافية المعروفة باسم "SEAL"عام 2001، وفي عام 2013 حصل على ماجستير العلوم العسكرية دورة أركان حرب وتولى الشهيد قيادة الكتيبة "103" صاعقة خلفًا للشهيد العقيد رامي حسنين، الذي استشهد في أكتوبر 2016.

الذكرى السابعة لحادثة كمين البرث، تعيد التذكير بتفخيخ الإرهابيين للطرق التي استخدمتها عناصر الدعم من القوات المسلحة للتوجه إلى أفراد الكمين، ما أسفر عن استشهاد مجموعة من الأبطال منهم الملازم أول خالد مغربي، الشهير بـ«خالد دبابة»، حتى وصل الدعم الجوي، ليهرب من بقى من العناصر الإرهابية على قيد الحياة.

تكريم منسي

الدولة المصرية لم تنس تضحية منسي وأبطال الكتيبة والأبطال الذين استشهدوا، فقد أطلقت اسمه على العديد من المدارس والميادين والشوارع بمختلف محافظات مصر، وكان قمة التكريم ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإطلاق اسم الشهيد منسي على كوبري عائم على قناة السويس، يربط سيناء بباقي أنحاء الجمهورية.

على المستوى الفني كان التكريم حاضرا، فقد تناولت أعمال فنية سيرة منسي العطرة، ومن ذلك مسلسل «الاختيار»، الذي جسد بطولاته وأبطال الكتيبة.

أسماء شهداء ملحمة كمين البرث:

وخلدت أسماء شهداء كمين البرث أبطال الكتيبة 103 صاعقة، في لوحة شرف وهم: العقيد أحمد منسي، والنقيب أحمد عمر الشبراوي، والملازم أول أحمد محمد محمود حسنين، والملازم أول خالد محمد كمال المغربي، والعريف محمد السيد إسماعيل رمضان.

والجنود: محمود رجب السيد فتاح، ومحمد صلاح الدين جاد عرفات، وعلي علي السيد إبراهيم، ومحمد عزت إبراهيم، ومؤمن رزق أبو اليزيد، وفراج محمد محمود أحمد، وعماد أمير رشدي يعقوب، ومحمد محمود محسن، وأحمد محمد علي نجم، وعلي حسن محمد الطوخي، ومحمود صبري محمد. ومن قوات المدفعية النقيب محمد صلاح محمد، والجندي محمد محمود فرج، وأحمد العربي مصطفى، والمندوب المدني صبري.