الارشيف / أخبار مصرية

د. رهام سلامة تكتب لـ «دوت الخليج»: 30 يونيو.. نقطة تحول في مسار مصر

جدة - نرمين السيد - ‎لقد أثبتت ثورة 30 يونيو أن الشعب المصري شعبٌ عظيم، يتمتع بوعي فطري سليم، يثور بوطنية، ودائمًا ما يضع كيان الوطن بكل "خصائصه" على رأس قائمة أولوياته.

أسهمت ثورة 30 يونيو في زيادة الوعي السياسي لدى الشعب المصري وشجعته على المزيد من المشاركة في الحياة السياسية، كما أثرت على العلاقات الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع المصري، حيث تم تعزيز الدعوة إلى الوحدة الوطنية ونبذ التطرف.

وبشكل عام فإن ثورة 30 يونيو تعتبر نقطة تحول في مسار مصر الحديث، حيث أدت إلى تغييرات كبيرة في النظام السياسي وأثرت على مختلف جوانب الحياة في البلاد، ولم تكن ثورة الشعب المصري تلك خروجًا عشوائيًا على نظام أو مجموعة بعينها، وإنما هي ثورة على كل مظاهر ومحاولات الزجّ بالدولة المصرية في هاوية التعصب والتشدّد وإقصاء الآخر؛ وعلى ذلك تعد ثورة 30 يونيو في مصر نقطة تحول حاسمة في مواجهة التطرف والإرهاب؛ حيث قام الشعب المصري بثورة شعبية واسعة النطاق لاستعادة هويته الوطنية، وحماية بلاده من خطر التنظيمات المتطرفة.

وجاءت تلك الثورة كردة فعل طبيعية على محاولات فرض أجندات متشددة، وتدمير نسيج المجتمع المصري المتنوع والمتسامح على مدى تاريخه.

لقد أثبتت ثورة الشعب في الثلاثين من يونيو إصرارهم على بناء دولة تقوم على قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، ومن خلال هذا التحرك الشعبي وجهت مصر رسالةً قوية إلى العالم بأن إرادة الشعوب قادرة على الانتصار ودحر التطرف والإرهاب، وأن الأمن والاستقرار يمكن تحقيقهما من خلال الوحدة والتضامن، لا التعصّب والتمييز.

ويُعد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أحد مؤسسات الدولة المصرية التي تسعى جديًا للوقوف ضد الفكر المتطرف، والتصدي للإرهاب بجميع أشكاله، من خلال جهوده الحثيثة في نشر الوعي وتعزيز الفهم الصحيح للإسلام، وبناء جسور الحوار بين الثقافات والأديان المختلفة، حتى صارت التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب تجربةً رائدة مشهود لها بالكفاءة والتميز.

وقد جاء تأسيس مرصد الأزهر لمكافحة التطرف وافتتاحه في الثالث من يونيو عام 2015م، كمبادرة من الأزهر الشريف -المؤسسة الإسلامية الأعرق في العالم- بهدف مراقبة وتحليل الخطاب المتطرف والذي كان على أشدّه آنذاك في العديد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والرد على الشبهات التي يثيرها المتطرفون، وتقديم الصورة الحقيقية للإسلام؛ والذي يعبر عن روح السلام والاعتدال والتعايش، والهدف الذي يربو إليه المرصد في الوقت الحالي هو بناء الإنسان وتنمية وعي الشباب وتدريبهم على التفكير النقدي والتأكيد على أهمية تعزيز المناعة قبل اللجوء للمنع أو العقوبة.

ويعتمد مرصد الأزهر في استراتيجية عمله على مجموعة من الأساليب الفعّالة لمواجهة الإرهاب، وتشمل:

1) رصد وتحليل المحتوى المتطرف: حيث يقوم المرصد بمتابعة ورصد المحتوى المتطرف على الإنترنت، وتحليله لفهم أبعاده وأهدافه وإعداد الرد المناسب عليه.

2) الرد العلمي والمنطقي: حيث يُصدر المرصد بيانات ومقالات وكتب وأبحاث ترد على الشبهات التي يروج لها المتطرفون، مستخدمًا الأدلة الشرعية والمنطقية لدحض تلك للشبهات.

3) التوعية والتثقيف: إذ ينظم المرصد حملات توعية تستهدف جميع فئات المجتمع، خاصة الشباب؛ لتعزيز الفهم الصحيح للإسلام ونبذ العنف والتطرف.

4) التعاون الدولي: يعمل المرصد بالتعاون مع مؤسسات محلية ودولية لمكافحة الإرهاب والتطرف، ويتبادل الخبرات والمعلومات لدعم الجهود المشتركة في هذا المجال.

وقد أسفر التعاون والتكامل مع مؤسسات الدولة المصرية على مدار تسعة أعوام عن العديد من المبادرات والبرامج التي هدفت إلى تعزيز وعي المواطنين بخطر الإرهاب والفكر المتطرف، وتحصين عقول الشباب ضد محاولات الاستقطاب التي تمارسها تنظيمات العنف والإرهاب، ومن ذلك نشاط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بالتعاون مع وزارة الخارجية والذي يُعدّ نموذجًا فريدًا للتعاون الفعّال في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف محليًا وإقليميًا ودوليًا، ويعكس هذا التعاون تكامل الأدوار بين المؤسسة الدينية والجهات الحكومية في مواجهة التحديات الأمنية والفكرية من خلال تبادل المعلومات والخبرات، وتنسيق الجهود المشتركة.

كما يقف بروتوكول التعاون بين المرصد ووزارة الشباب والرياضة شاهدًا على حرص المرصد على أداء واجبه كأحد دعائم الدولة المصرية لحماية الشباب ورعاية النشء، والتصدي لكافة محاولات تشويش العقول وزعزعة الهوية بهدف ضرب المجتمع المصري في أغلى ثرواته ألا وهم الشباب.

كما أن الجهود المتواصلة للمرصد على صعيد الفضاء الإلكتروني والميداني جعلت منه دعامة أساسية من دعائم الدولة المصرية للحرب على الإرهاب، وأسهمت في كونه عنصرًا أساسيًا من عناصر جهود الدولة المصرية لمكافحة الإرهاب في مختلف الميادين والمناسبات، فضلًا عن قيام المرصد بمخاطبة العالم بثلاث عشرة لغة حية؛ ليكون بذلك أداة لتنفيذ أحد أهم الأهداف التي قامت من أجلها ثورة يونيو؛ وهو تحقيق الأمن والاستقرار والنأي بالبلاد عن التردي في هاوية النزاعات الأهلية والانقسامات، فضلًا عن محاربة كافة أشكال التطرف والإرهاب.

وبعد مرور أحد عشر عامًا على تلك الثورة المجيدة، يمكن بوضوح رؤية الثمار الملموسة التي حققتها مصر في ميدان مكافحة التطرف والإرهاب، وكيف أن هذه الثورة لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت بداية لحقبة جديدة من الاستقرار والأمان، بفضل الجهود المتواصلة والتنسيق الفعّال بين مختلف أجهزة الدولة؛ حيث نجحت مصر في تضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية، وتقويض قدرتها على تنفيذ الهجمات في كل شبر على أرض هذا الوطن الغالي، وتم تعزيز البنية الأمنية وتطوير الاستراتيجيات العسكرية لمواجهة التهديدات المتغيرة، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الهجمات الإرهابية وتحقيق بيئة أكثر أمانًا للمواطنين والمستثمرين.

إضافة إلى النجاحات الأمنية، أسهمت ثورة 30 يونيو في ترسيخ قيم الوحدة الوطنية والتسامح الديني، وهي عوامل أساسية في مكافحة الفكر المتطرف، وعملت الدولة على دعم مؤسساتها الدينية والتعليمية لتقديم خطاب ديني معتدل يواجه الأفكار المتطرفة بالحجة والعقل، كما تم تنفيذ العديد من المبادرات المجتمعية والثقافية التي تهدف إلى نشر الوعي وتعزيز قيم المواطنة بين الشباب، وهذه الجهود المشتركة بين الحكومة والمجتمع المدني أدت إلى تعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية النسيج الوطني، مما جعل مصر أكثر قدرة على التصدي للتطرف والإرهاب على المدى الطويل.

جنبًا إلى جنب، يعمل مرصد الأزهر وغيره من مؤسسات الدولة على تحقيق أهداف ثورة يونيو والحفاظ على مكتسباتها، والمضي قدمًا نحو دعم جهود التنمية تحت القيادة الرشيدة، ومواجهة تحديات غير مسبوقة، قد يصعب تجاوزها إلا لوطن متكاتف ومؤسسات تعمل على تحقيق هدف واحد؛ ألا وهو الصالح العام، وهو أحد الركائز التي قامت عليها ثورة يونيو، وتتواصل المسيرة من أجل مستقبل أفضل لأجيال قادمة في ظل عالم متغير يموج بالتحديات.

 اختتم بالقاعدة الفقهية التي تقول: "حيثما كانت المصلحة فثم شرع الله"، وليس هناك مصلحة أعظم للإنسان من الحفاظ على نعمة الوطن، وبناء الإنسان الذي يعمره ويعمل على نهضته، وقد أخذنا على عاتقنا مسؤولية بناء الوعي والمساهمة في مواجهة الفكر المتطرف؛ لأن من يفقد وطنه يفقد هويتَه وذاتَه.. يفقد أمانَه وسلامَه.. يفقد سكنَه وسكينَتَه.. أدام الله علينا نعمة الوطن وجعله في عزة ورفعة.. وسلام.

د. رهام عبد الله سلامة ـ مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف

 

عرضنا لكم زوارنا الكرام أهم التفاصيل عن خبر د. رهام سلامة تكتب لـ «دوت الخليج»: 30 يونيو.. نقطة تحول في مسار مصر على دوت الخليج فى هذا المقال ونتمى ان نكون قدمنا لكم كافة التفاصيل بشكل واضح وبمزيد من المصداقية والشفافية واذا اردتكم متابعة المزيد من اخبارنا يمكنكم الاشتراك معنا مجانا عن طريق نظام التنبيهات الخاص بنا على متصفحكم او عبر الانضمام الى القائمة البريدية ونحن نتشوف بامدادكم بكل ما هو جديد.

كما وجب علينا بان نذكر لكم بأن هذا المحتوى منشور بالفعل على موقع مبيدأ وربما قد قام فريق التحرير في دوت الخليج بالتاكد منه او التعديل علية اوالاقتباس منه او قد يكون تم نقله بالكامل ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

Advertisements