جدة - نرمين السيد - د. إبراهيم نجم
فمنذ عام 2011م ومع بداية الحراك الشعبي الباحث عن بناء جمهوريةٍ جديدةٍ تليق بأبناء الأمة المصرية رأت تلك الجماعة الفرصةَ مواتيةً لبدأ مخططهم الذي طالما حاولوا تنفيذه منذ تأسيس الجماعة؛ فبدأوا رويدًا رويدًا يتسللون داخل ذلك الحراك ليجدوا لهم مكانًا فيه تحت عباءة الإصلاح غير الطامع في السلطة.
وكانت استراتيجيتهم تلك ترتكز على مبدأ (التقية) الذي يبرر الكذب والخداع على الشعب والنخب الثقافية والسياسية وكل من هم خارج الجماعة، فقد خططت تلك الجماعة ونفذت سابقًا اغتيال النقراشي باشا، ثم أصدروا بيانًا يُدين القتلةَ تحت عنوان "ليسوا إخوانًا وليسو مسلمين"، هم أيضًا مَن لهثوا بشعارات السيادة المصرية والتدخل الخارجي وفي ذات الوقت كانوا يفتحون قنواتٍ من الاتصال مع قوًى خارجية استقواءً بهم على حساب المصلحة المصرية، وتتبُّع مواقف تلك الجماعة التي استحلوا فيها الكذب والخداع يطولُ؛ إلا أن شأن تلك السياسة التي تقوم على الخداع وإظهار عكس ما هو مستقر في الباطن التكشُّف والظهور، ولذلك فإن تلك العباءة التي تدثَّرت بها تلك الجماعة للترويج إلى الإصلاح والزهد في السلطة سرعان ما انخلعت وظهر للجميع حقيقة نواياهم ورغبتهم.
لقد سقط عن تلك الجماعة رداء الخداع مع تجلي محاولتهم المتكررة قبل خلعهم من السلطة استلاب الهوية الوطنية المصرية واستبدالها بهوية مشوهة تُناسب الأغراض السياسية للجماعة، فالجماعة التي كانت تستتر بقناع الدين وتحاول طرح نفسها كحل (إسلامي بديل) حاولت طمس الهوية الوطنية المصرية لصالح هوية جديدة نسجها مفكرو الجماعة من خلال فَهمهم الانتقائي الموَجَّه للدين الإسلامي، والذي يصدُر عن رؤيتهم التي لا تقبل إلا جماعتهم، وتمثل نمطًا فكريًّا أحاديًّا يرى كل من يخالفه عدوًّا له وللإسلام والشريعة، وكل من يوافقه يضطر أن يُقدِّم فروض الولاء والطاعة مطلقًا بقطع النظر عن المصالح الوطنية.
لقد كان سعي الجماعة في تلك الفترة لتغيير الهوية الوطنية هو أول اهتماماتهم وأكبر أولوياتهم، لأنهم يعرفون أن السبيل الوحيد لما خططوا له من (التمكين) يكمُن في إحلال هويتهم مكان الهوية الوطنية المصرية، ليتماهي المواطن المصري مع قواعد البيعة والطاعة والثقة العمياء...؛ بدلًا عن قواعد المواطنة والتعايش والديمقراطية والسلام؛ وبذلك تضمن تلك الجماعة السيادة الشعبية واستقرار الحكم من وجهة نظرهم.
وهذا ما يفسر حالة الاحتقان الشديدة التي عاشها المجتمع المصري في فترة صعود تلك الجماعة الإرهابية؛ فبعد أن طفت مخططاتهم على السطح ولم تُفلح (التقية) في الحفاظ على مبدأ سرية تلك المخططات، واضطروا لخوض حرب فكرية واجتماعية مفتوحة، بدأ الكثير من أبناء الشعب المصري يرفضون تلك الهوية، ويشعرون بالغربة تجاه مصر التي يعرفونها والتي تسعى تلك الجماعة أن تكتسي بشعاراتهم وأفكارهم، فاحتدم الاستقطاب، ودفع أفراد تلك الجماعة الشعبَ المصري للمواجهة بعضهم تجاه بعض، سواء بين المسلمين وإخوانهم من المسيحيين، أو بين المسلمين وأنفسهم، وأججت لصراعاتٍ أيدلوجيةٍ تسعى من خلالها لفرض معادلة صفرية؛ إما سيادة حكمهم وتغيير الهوية الوطنية، وإما غرق الدولة والمجتمع في أمواجٍ من الإرهاب والفتنة والانفلات.
وكان من تعاسة تلك الجماعة فرض هذه المعادلة على الشعب المصري، الذي لم يكن ليقبل بتلك المعادلة، فكان له رأي آخر يرفض خياراتهم جملة وتفصيلًا، فرفض أن تتبدل هويته الوطنية الضاربة في العراقة والأصالة، والتي ميزته على مدى قرون، ولم تستطع حتى القوى الاستعمارية على زعزعتها فضلًا عن اقتلاعها وتبديلها، ورفض في ذات الوقت أن تبقى تلك الجماعة في سدة حكم مصر.
وهنا بدأ الحراك الشعبي مجددًا، ولكن في تلك المرة كان أكثر وعيًا، بعد قرابة عامين اختبر فيهم الشعب المصري كافةَ القوى التي ادَّعت الوطنية ثم أظهرت ممارستهم عكس ذلك، فكان ذلك الحراك موجةً وطنيةً عاليةً، لا يمكن لغير الوطنيين امتطاؤها أو الصعود عليها، فلفظت كافةَ مُدَّعِي الوطنية، وعَلَت فوق أعداء الوطن المتربعين على قمة هرم الحكم، مستعينةً بالله سبحانه وتعالى، ثم من ورائه بحصنها المنيع من جيشها الباسل؛ لتأمين ذلك الحراك الشعبي الذي تصدرته المؤسسات الدينية الوطنية في إعلان منها أن الدعاوى الدينية لتلك الجماعة هي محض كذب، وأنها ذريعة لسيطرتهم السياسية لا تقبلها الشرائع السماوية، وأن النسيج الوطني المصري سيظل نسيجًا مترابطًا متكاملًا، يُعبِّر عن هوية مصر الوطنية ويعلو فوق كل جماعة أو حزب.
لقد كانت اللحظة التاريخية التي أعلن فيها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي خارطةَ الطريق لمصر الجديدة في الثالث من يوليه، استجابةً لنداء ملايين المصرين المحتشدين في الميادين منذ الثلاثين من يونيه، بيانًا تاريخيًّا، أعرب فيه قائد القوات المسلحة عن انحياز الجيش للشعب وإرادته ومطالبه، وعن أن الإرادة المصرية لا يمكن كسرها بواسطة جماعة متأسلمة، وكان ذلك البيان بدايةً للانطلاق نحو بناء الجمهورية الجديدة تحت قيادةٍ وطنيةٍ خالصةٍ.
لقد كانت ثورة الثلاثين من يونيه ثورةً على تلك الهوية المشوهة لصالح الهوية الوطنية المصرية، وإعلانًا للعالم أجمع أن الهوية المصرية ستظل في أمان تام، لا يمكن استئصالها أو تبديلها، طالما كان هناك شعبٌ يحميها بأكمله، ومن ورائه مؤسساتُه الوطنية وعلى رأسها جيشُه العظيمُ.
د. إبراهيم نجم ـ مستشار مفتي الجمهورية
عرضنا لكم زوارنا الكرام أهم التفاصيل عن خبر د. إبراهيم نجم يكتب لـ «دوت الخليج»: 30 يونيو وتأمين الهوية الوطنية على دوت الخليج فى هذا المقال ونتمى ان نكون قدمنا لكم كافة التفاصيل بشكل واضح وبمزيد من المصداقية والشفافية واذا اردتكم متابعة المزيد من اخبارنا يمكنكم الاشتراك معنا مجانا عن طريق نظام التنبيهات الخاص بنا على متصفحكم او عبر الانضمام الى القائمة البريدية ونحن نتشوف بامدادكم بكل ما هو جديد.
كما وجب علينا بان نذكر لكم بأن هذا المحتوى منشور بالفعل على موقع مبيدأ وربما قد قام فريق التحرير في دوت الخليج بالتاكد منه او التعديل علية اوالاقتباس منه او قد يكون تم نقله بالكامل ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.