علق الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس، على ما أثير خلال اليومين الماضيين، من صعوبة امتحان الفيزياء للثانوية العامة، والإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم، والتي قضت بمنح الطلاب الدرجة الكاملة في ثلاثة أسئلة، مشيرًا إلى أن هذا الامتحان لن يكون له تأثير على نتيجة الثانوية العامة ولا الترتيب النسبي للطلاب الذي يترتب عليه تحديد تنسيق القبول بالجامعات.

وأدى أكثر من 500 ألف طالب مقيدين بالشعبة العلمية بالثانوية العامة، السبت الماضي، الامتحان في مادة الفيزياء، لكنهم خرجوا يعلوا وجوههم البكاء قائلين إن الامتحان كان صعبًا للغاية وبه العديد من الأخطاء في صياغة الأسئلة، ومن هنا تعجلت وزارة التربية والتعليم، تقرير اللجنة المنوط بها مراجعة أسئلة الامتحان ونموذج الإجابة، وخلصت اللجنة إلى منح جميع الطلاب الدرجة الكاملة في ثلاثة أسئلة تبين وجود أخطاء في صياغتها، وفي سؤالين آخرين قررت اللجنة اعتبار بديلين كإجابة صحيحة من بين البدائل الأربعة.

وهنا علق تامر شوقي قائلًا، إن مثل هذا الإجراء يحسب لوزارة التربية والتعليم، إذ تحملت الخطأ، في حين أنه كان من الممكن أن يصدر التقرير بدون أخطاء تحت عنوان "كله تمام" كما حدث في السنوات الماضية، لكن الوزارة في هذا الموقف اختارت تحمل المسؤولية الأخلاقية تطبيقًا لمبدأ الشفافية الذي يطالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي، في التعامل مع أفراد الشعب المصري.

وأكد شوقي، أن منح الدرجات كاملة لجميع الطلاب، لن يكون له تأثير على النتيجة النهائية أو الالتحاق بالكليات، لعدة أسباب: أولها أن الأسئلة التي تم تعميم درجتها كان بها أخطاء واضحة في الصياغة، وبالتالي كانت ستؤدي إلى خطأ الكثير من الطلاب في الإجابة، حتى أولئك الذين ادعوا أنهم أجابوا إجابة صحيحة، فإجاباتهم هذه قد تكون بالصدفة أو تكون خاطئة وهم لا يعلمون.

أما السبب الثاني، فإن تعميم الدرجات على الطلاب يشبه إلغاء هذه الأسئلة ودرجاتها من الامتحان، واعتبار باقي الأسئلة هي معيار التمييز بين الطلاب، مشيرًا إلى أن وزارة التربية والتعليم ذكرت أن الامتحان مطابق للمواصفات الفنية ويراعي الفروق الفردية بين الطلاب، وأن 90% من أسئلته صحيحة الصياغة ومن أفكار تعرض لها الطلاب من قبل، وبالتالي فإن الأسئلة التي سيتم تقييم الطلاب من خلالها صالحة للتفريق بينهم.

وأكد الخبير التربوي أن ما حدث بامتحان الفيزياء لن يؤثر على ترتيب الطلاب الذي يحدد بناء عليه تنسيق القبول بالجامعات، إذ أن رفع جميع الطلاب درجات بنفس القدر يعني الثبات عند نفس النسبة.

وعن شكاوى بعض الطلاب وأولياء الأمور، بعد قرارات الوزارة، بسبب إجابة أبنائهم على الأسئلة التي دار حولها اللغط وصعوبة أسئلة أخرى، قال شوقي، إنه لا يمكن الاعتداد برأي الطالب في تحديد مدى سهولة أو صعوبة سؤال ما، فتحديد مستوى السؤال يكون بعد الامتحان والتصحيح، ثم بعد ذلك يتم التعامل مع الدرجات ببرامج إحصائية تكشف مستوى السؤال في ضوء نسب الطلاب الذين أجابوا عليه إجابة صحيحة أو خاطئة.

وتابع أن الطلاب الذين يدعون حل الأسئلة بشكل صحيح لا يمكن الاحتكام لهم لأن الأسئلة تشتمل على أخطاء صياغة، وكذلك الأسئلة التي ادعوا أنها صعبة، لا يمكن الاحتكام لهم طالما صياغتها صحيحة وتسأل عن معلومة درسها الطلاب، وبالتالي إذا أخطأ الطلاب في الإجابة فيكون ذلك نتجية عدم معرفتهم بالمعلومة المطلوبة في السؤال.

وقال شوقي إن الوزارة نزلت لرغبة أولياء الأمور والطلاب بشأن الأسئلة التي تشتمل على أخطاء صياغة، واتخذت قرارًا منصفًا ومناسبًا، ولا داعي للمزايدة لتحصيل مكاسب أخرى.

وعن مقترح إلغاء الأسئلة وتوزيع درجاتها على باقي الامتحان، قال شوقي إن كانت الوزارة طبقت هذا الحل فإنها ستكون ظلمت الطلاب، لأنه ربما أجاب طالب على سؤال ما بشكل خاطئ، هنا كان سيخسر المزيد من الدرجات.

ولفت تامر شوقي إلى أن مادة الفيزياء مشكلاتها متكررة كل عام، وهي من أصعب المواد في الشعبة العلمية، ومن الصعب وضع امتحان يراعي معايير التقييم بنسبة 100%، لأن عملية وضع الامتحان بشرية وتحتمل الخطأ، لكن أن تكون 90% من أسئلة الامتحان تراعي قواعد التقييم فهذا يعني أن الامتحان مطابق للمواصفات.

وأكد أن أي دعاوى تتردد بعد إجراءات وزارة التربية والتعليم فإنها تكون من باب إحداث البلبلة، والتنصل من مسؤولية الاستذكار، فالبعض اعتاد على تحميل مسؤولية صعوبة الامتحان على الوزارة وواضع الامتحان، في حين أنه في أساليب التقويم التربوي لا يوجد ما يسمى سؤال صعب طالما أنه صحيح الصياغة والفكرة، وحتى هذه الصعوبة لا يقيمها الطلاب.

وعن معاناة الطلاب من حالة نفسية سيئة بسبب صعوبة الامتحان، قال شوقي إن هذه الحالة زادت حدتها بعد الضجة التي حدثت على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما الطالب في لجنته ربما تعامل بشكل أهدأ، وتخيل أنه لا يعرف إجابة سؤال أو اثنين، أو أن لجنته تعثرت في بعض الأسئلة، بالتأكيد لم يكن يدري ما يحدث خارج لجنته واللجان المجاورة.