ا.د/ عبدالعليم المنشاوي يكتب : في ذكري وفاة الشيخ المنشاوي .. عشقوك فقالوا !!

انت الان تتابع خبر ا.د/ عبدالعليم المنشاوي يكتب : في ذكري وفاة الشيخ المنشاوي .. عشقوك فقالوا !!. والان مع التفاصيل

رياض - احمد صلاح - يحتفل العالم الإسلامي في الـ20 يونيو من كل عام، بذكرى وفاة القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي (1920-1969) – رحمه الله وطيب ثراه -، أحد رواد التلاوة، وعميد دولة الخشوع في القرآن الكريم، الذي مازال صوته الخاشع يزلزل قلوب السامعين.

 

ولد الشيخ المنشاوي في 20 يناير من عام 1920،  بمدينة المنشاة التابعة لـمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره؛ حيث نشأ في أسرة قرآنية عريقة، فأبوه الشيخ صديق المنشاوي هو الذي علمه فن قراءة القرآن الكريم، وقد وضع أبوه الشيخ الجليل صديق المنشاوي هذه المدرسة العتيقة الجميلة والمنفردة بذاتها، وبإمكاننا أن نطلق عليها (المدرسة المنشاوية)، فأخذ منها الشيخ محمد أسلوبه وطوره بما يناسبه فصار علمًا من أعلام خدام القرآن. وقد استمد الشيخ محمد من تلك المدرسة الكثير الذي كان سببًا في نجاحه بعد صوته الخاشع، ولُقِّب الشيخ محمد صديق المنشاوي بـ”الصوت الباكي”. و  “قيثارة السماء”

عرف المنشاوي بجمالية صوته و تلاوته، فأنجزت تسجيلات عدة لتلاواته، كما قرأ القرآن في المسجد الأقصى، الكويت، سوريا، ليبيا وكثير من الدول العربية والاسلامية… و قد شارك في تسجيل قراءات جماعية مع القارئين كامل البهتيمي و فؤاد العروسي. وقد زار الشيخ المنشاوي العديد من البلاد العربية والإسلامية وحظي بتكريم بعضها, حيث منحته اندونيسيا وساما رفيعاً في منتصف الخمسينات كما حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية من سوريا عام 1965م, وزار باكستان والأردن وليبيا والجزائر والكويت والعراق والسعودية وقد ترك الشيخ أكثر من مائة وخمسين تسجيلاً بإذاعة جمهورية مصر العربية والإذاعات الأخرى , كما سجل ختمة قرآنية مرتلة كاملة تذاع بإذاعة القرآن الكريم وتلاوته .

و هو رقم صعب في عالم القراءة الفذة .. لا يكاد يختلف حوله عاشقان محبان لحلاوة القرآن .. و روعة اﻹتقان .. و هو عند أصحاب اﻵذان الذهبية .. و الوجدان المرهف لا يكاد يقع في مقارنة مع أحد .

و أحسب أنه لم يقرأ القرآن الكريم أحد في عصورنا المتأخرة كهذا الرجل … و لا يمكن فهم طريقته في اﻷداء إلا أنها سر بينه و بين ربه .

 

إن بحة الشجن و رنة الحزن عنده، والتي تنبعث في انسيابية و تلقائية عجيبة لا يمكن أن تتكون بمجرد الدربة و طول الممارسة .. بل هي شيء آخر … لا يتكون إلا من خبيئة صالحة ، و سر مدخر بين يدي القدوم على الملك .. و لا يتأتى ذلك إلا لمن عاش مع القرآن؛ ففقه معانيه … و أدرك مراميه .. و امتزج بروحه امتزاجا لا يقبل الانفصال .

و حينما يتكاثف ران قلبي .. و تعلوه غبرة الحياة الدنيا .. و صدأ الغفلة … فإنني أتطلب بريقه و نقاءه في القرآن الكريم عبر صوت هذا الرجل، الذي كأنما انبعث غضا طريا من الجنة !

و قد صدق الحويني إذ قال: لقد أفسد المنشاوي علي أذني … فلا أكاد أسمع القرآن من غيره .

و رحلتي مع المنشاوي رحلة طويلة مذ كنت طالباً في الصف اﻷول اﻹعدادي … و هي رحلة لا تنتهي إلا بوفاتي … لم أمل من صوته و لو للحظة .. و إنني على استعداد أن أظل أكتب في الرجل إلى أن يجف المداد … و لا أراه يجف .

اسمعوه حينما يختم القرآن ترتيلا في آخر جزء الملك و جزء النبأ حتى سورة الناس… فكيف هاتيك القراءة … كأنه يودع القرآن إلى غير رجعة … فينزف ﻷجل ذلك نزفا لا أنه يقرأ !!

أي صوت علوي آسر ينثال من عبق القرون الثلاثة اﻷولى فيختطف معه اﻷرواح و يسبي اﻷلباب ؟!!

و لو جاز لنا أنه نصفه بالملائكية لفعلنا .. غير أنه لا يجوز .

وصفه أحد أصدقائي اﻷدباء فأحسن الوصف إذ قال: كأن أحبال صوته نسجت من أوتار الأحزان وهزتها رياح الحنين، أو كأن صوته خارج من رحم اﻷمل .. مسافر في بحر اﻷلم.. على سفين اﻷنين !!

 

اللهم أرح المنشاوي في قبره كما أرحنا في تلاوته”

ا.د/ عبدالعليم المنشاوي

كلية الزراعة- جامعة سوهاج- مصر

أخبار متعلقة :