نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر مؤمن الجندي يكتب: على صخرة الطمع في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة - في الحياة، تنشأ الأحلام كطيور مهاجرة، تبحث عن فضاء أوسع لتحلق فيه، لكنها كثيرًا ما تصطدم بأسوار حب التملك والرغبة في السيطرة.. نرى من يتمسك بكل شيء بين يديه، يخشى أن يفقده حتى وإن كان ذلك على حساب طموح الآخرين أو تطورهم! وكأن العالم ساحة صراع بين رغبة الإنسان في الامتلاك وحق الحياة في أن تمضي بانسيابية.. في خضم هذه المعركة وعلى صخرة الطمع، تضيع فرص عظيمة، وينطفئ بريق أحلام كان يمكن لها أن تضيء العالم لو أُطلق لها العنان.
حب التملك ليس في ذاته شرًا مطلقًا؛ إنه نزعة فطرية تُمكننا من الحفاظ على ما نحب، وتدفعنا للسعي خلف أحلامنا.. لكنه حينما يتجاوز الحد، يصبح كالطوفان الذي يُغرق كل شيء.
في مشهد كرة القدم المصرية، تُظهر الأندية تمسكًا شديدًا بمواهبها التي تنضج مبكرًا، خاصة حينما تصل تلك المواهب إلى مرحلة تُغريها العروض الاحترافية الأوروبية.. هذا التمسك قد يبدو منطقيًا في سياق الحفاظ على قوة الفريق وتدعيم خزينة النادي، لكنه يتحول في كثير من الأحيان إلى صورة من صور حب التملك المفرط، الذي يُغفل المصالح الأوسع، فاللاعب الذي تُحرم موهبته من الاحتراف الخارجي لا يخسر تطوره الشخصي فحسب، بل تحرم الكرة المصرية نفسها من فرصة أن تُصدر صورة مشرقة عالميًا.. ولنا في صلاح ومرموش الآن خير مثال! الأندية قد تنظر إلى مكاسبها المالية القريبة، لكنها تُضيع فرصة بناء سمعة رياضية دائمة تصب في مصلحة الوطن، فما قيمة الطمع حين يُعطل طموح المواهب ويُطفئ شغفها؟
هنا تبرز السماحة كضوء في نفق مظلم.. السماحة ليست ضعفًا، بل قوة ناعمة تُعيد الأمور إلى نصابها، إنها التذكير بأننا لسنا في سباق دائم نحو الاستحواذ، وأن الحياة أكبر من حدود الأشياء التي نملكها.. السماحة تُعلمنا أن الطموح الحقيقي ليس في الاستحواذ، بل في البناء.
في مواقف الحياة، قد نجد أنفسنا أمام خيارين، أن نتشبث بما نريد بأي ثمن، أو أن نختار السماحة وندع الحياة تسير بانسيابية.. السماحة هي الحكمة التي تذكرنا بأننا لسنا خالقي هذا العالم، بل ضيوف فيه، وأن التملك الدائم وهم، وأننا حين نترك شيئًا برضا، فإننا نكسب لا محالة.
تخيل إنسانًا أحب وردة، وأصر أن يقطفها ليحتفظ بجمالها.. في لحظة، سيموت الجمال الذي أسره، وستتحول الوردة إلى ذكرى باهتة! لكن، إن أحب الوردة وتركها تنمو، سيظل جمالها حاضرًا، وربما تُزهر ورودًا جديدة تزيد من بهائها.. هكذا هي السماحة، لا تُضعف الإنسان، بل تجعله أكثر استفادة ونبلًا وعمقًا.
وفي النهاية، الحياة ليست في مقدار ما نملك، بل في كيف نعيش.. السماحة هي المفتاح الذي يفتح لنا أبواب الحرية الداخلية، ويذكرنا أن الأهم ليس فيما نحتفظ به، بل في القلوب التي نترك فيها أثرًا طيبًا لا يُنسى.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
أخبار متعلقة :