انتهى المحفل الانتخابي لاختيار أعضاء مجلس الشورى للدَّوْرة العاشرة، وفاز فيها مَن فاز وخسر مَن خسر، وهذا هو حال الانتخابات في كُلِّ زمان ومكان، حيث أثبتت التجربة العُمانيَّة الشورويَّة في دَوْرتها العاشرة نجاحًا منقطع النظير في مجالات شتَّى، لعلَّ أبرزها التطوُّر التقني الَّذي صاحبَ مجرياتها من البداية للنهاية، في تطوُّر يحسب للقائمين على هذا العمل البرلماني الكبير، نظرًا لأهمِّية الجانب التكنولوجي في تيسير العمليَّة الانتخابيَّة وفي مجال تطوير آليَّاتها أيضًا. فهي تتكامل مع مختلف مجالات الحياة ولا يجِبُ أن تكُونَ منفصلة عَنْه بكُلِّ حال من الأحوال. كما أنَّ التجربة في دَوْرتها العاشرة ونتيجة للخبرة المتراكمة أفرزت وعيًا انتخابيًّا جيِّدًا وإنْ تفاوَتَ من مكان لآخر حسب تطوُّر المُجتمع ثقافيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وحسب التفاعل الَّذي مارَسَه ويُمارسه أفراده عَبْرَ السنوات الماضية. وإذا كان هنالك مَن يرى أنَّ بعض الأمور السلبيَّة الَّتي رافقت التجربة في الدَّوْرات الماضية ما زالت مستمرَّة، فإنَّ هذا يُحيلنا لمقولة لا يوجد شيء في هذا الحياة كامل أو مطلق، بل تطلُّ النسبيَّة دائمًا برأسها، وحتَّى وإن وُجدت تلك الجوانب فهي بصورة أقلَّ، خصوصًا مع التطوُّر الَّذي حدث في المجال التقني كما ذكرت في البداية، كما أنَّ تطوُّر الوعي الانتخابي أسْهَم بشكلٍ كبير مع القوانين الَّتي أُقرَّت في الحدِّ من حجم هذه التصرفات والتجاوزات، ووجودها لا يعني أنَّنا لَمْ ننجح، بل يعني أنَّنا نحتاج لوقتٍ أكبر وتطبيق لقوانين أكثر ردعًا لكبح جماحها. ملاحظتي الَّتي حاولت تأجيلها لِمَا بعد الانتخابات تمثلت في نقطتين رئيستَيْنِ، وهي الَّتي ترتكز على المترشحين، فالأولى يلاحَظ أنَّ الكثير من المترشِّحين لا يدركون كُنه الأدوار الَّتي يضطلع بها العمل البرلماني فتراهم يستخدمون عبارات ترويجيَّة ودعائيَّة هي في الواقع لا تمسُّ نطاق عملهم، بل هي صلب عمل مجالس وجهات حكوميَّة أخرى ترتبط بالخدمات المُجتمعيَّة المقدَّمة، حيث يتمثل الدَّوْر الأساسي لعضو مجلس الشورى في مراقبة عمل الحكومة واقتراح القوانين والتشريعات والسَّعي لتعديلها فيخرج من بوتقة الولاية إلى رحابة الدَّولة الأوسع، وهذا الفكر البرلماني الَّذي يجِبُ أن يعيَه عضو المجلس مغيَّب في الأساس عِند الكثير من المترشِّحين. والنقطة الأخرى الَّتي أودُّ الإشارة إليها هنا وهي موضوع دراسة حجم النجاح الَّذي يُمكِن أن يُحققَه المترشِّح.. بمعنى آخر، فرص حصوله على أحد مقاعد ولايته، بمعنى أدقّ هل كان المترشِّح قادرًا على معرفة مدى النجاح الَّذي سيُحقِّقه بناء على دراسته لشَعبيَّته الاجتماعيَّة وما قدَّمه مسبقًا من مبادرات وعمل مُجتمعي؟ أم ليس له القدرة على معرفة ذلك، حيث تنتشر صوَر لمرشَّحين لا يعرفهم أحد حتَّى أقرباؤهم، ويصبحون بَيْنَ يوم وليلة مترشِّحين لا يحقِّقون أصواتًا لا تصل لعدد أصابع اليد الواحدة، وهؤلاء ألَمْ يكُونُوا على وعيٍ بهذا الأمْرِ؟ وهل الإنسان لا يهمُّه واقعيًّا معرفة عدد وحجم مَن يقف عِنده أم لا؟ أَوَلَيْسَ هنالك تبعات نَفْسيَّة يُعانيها هؤلاء المترشِّحون نتيجة هذا الضَّرر النَّفْسي؟ في اعتقادي الشخصي أنَّ هاتَيْنِ النقطتَيْنِ تحتاجان إلى أهمِّية وجود معهد متخصِّص يقدِّم دَوْرات في هذا المجال لكُلِّ مَن تحدِّثه نَفْسُه للترشُّح لعضويَّة مجلس الشورى بحيث يخضع لدَوْرات متعمقة في معرفة أدواره في المجلس وأيضًا في كيفيَّة معرفة إذا كانت لدَيْه إمكانات للنجاح من عدمه في محيط ولايته وذلك بدراسة الوضع وفق معايير علميَّة كاستطلاعات الرأي الَّتي تجرى في كثير من الدوَل وهي صادقة بنسبة كبيرة، وبذلك سنرى عدد من المترشِّحين أقلّ ممَّا هو موجود حاليًّا وستزيد حُمَّى المنافسة وستقلُّ الجوانب السلبيَّة لأنَّ مَن يتقدَّم للترشُّح سيكُونُ قادرًا على الإقناع ولدَيْه معرفة بماهيَّة ما يريد ويعرف أيضًا حجم التأييد له.
د. خصيب بن عبدالله القريني
kaseeb222@gmail.com
عرضنا لكم زوارنا الكرام أهم التفاصيل عن خبر نبض المجتمع : ما بعد الانتخابات على دوت الخليج فى هذا المقال ونتمى ان نكون قدمنا لكم كافة التفاصيل بشكل واضح وبمزيد من المصداقية والشفافية واذا اردتكم متابعة المزيد من اخبارنا يمكنكم الاشتراك معنا مجانا عن طريق نظام التنبيهات الخاص بنا على متصفحكم او عبر الانضمام الى القائمة البريدية ونحن نتشوف بامدادكم بكل ما هو جديد.
كما وجب علينا بان نذكر لكم بأن هذا المحتوى منشور بالفعل على موقع الوطن (عمان) وربما قد قام فريق التحرير في دوت الخليج بالتاكد منه او التعديل علية اوالاقتباس منه او قد يكون تم نقله بالكامل ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.
أخبار متعلقة :