قبل نحو (103) أعوام، تحدث ألبرت أينشتاين، عن نظرية النسبية العامة، والتي تعرف أيضا باسم النظرية الهندسية في الجاذبية، بالتحديد في عام (1915)، وتُمثل الوصف الحالي للجاذبية في الفيزياء الحديثة.
تعمم النسبية العامة كل من النسبية الخاصة وقانون الجذب العام لـ«نيوتن»، بتقديمها لوصف موحد للجاذبية على أنها خاصية هندسية للزمان والمكان، أو «الزمكان». وبوجه خاص، يرتبط انحناء «الزمكان» بشكل مباشر مع الطاقة والزخم لأي مادة وإشعاع موجودين. العلاقة محددة من خلال معادلات أينشتاين للمجال وهي جملة معادلات تفاضلية جزئية.
واليوم وبعد (103) أعوام، «أينشتاين»، الراحل عن عالمنا، يبدو أنه مبتسما، خاصة بعد أن تحققت نبوءته الخاصة بـ«الزمكان»، وشهد العالم اليوم، «أول ثقب أسود»، بعد أن التقط علماء الفلك أول صورة على الإطلاق لثقب أسود يقع في مجرة بعيدة تبلغ مساحتها نحو (٤٠) مليار كم، أي ثلاثة أضعاف حجم الأرض، وقد وصفها العلماء بأنها «وحش».
ويقع الثقب الأسود على بعد (٥٠٠) تريليون كيلو متر، وتم تصويره من قبل شبكة من ثمانية تلسكوبات في جميع أنحاء العالم. وفي هذا الصدد قال البروفيسور هينو فالك من جامعة رادباود في هولندا الذي شرح التجربة لـ«بي بي سي»، نيوز، إنه تم العثور على الثقب الأسود في مجرة تسمى (M87)، وقال ما نراه أكبر من حجم نظامنا الشمسي بأكمله.
تبلغ كتلة الشمس (٦.٥) مليار مرة كتلة الشمس وهي واحدة من أثقل الثقوب السوداء التي نعتقد أنها موجودة إنه وحش مطلق بطل الوزن الثقيل في الثقوب السوداء في الكون.
وتُظهر الصورة حلقة نار شديدة السطوع كما يصفها البروفيسور فالك وتحيط بفتحة داكنة تمامًا .الهالة الساطعة ناتجة عن سقوط غاز محموم في الحفرة.
تعرف بال أضاءه الأكثر إشراقا من جميع مليارات النجوم الأخرى في المجرة مجتمعة وهذا هو السبب في أنه يمكن رؤيته على مسافة بعيدة من الأرض.
الثقب الأسود
يعرف الثقب الأسود في النسبية بأنه منطقة من الزمان تمنع فيها جاذبيته كل شيء من الإفلات بما في ذلك الضوء
يمتص الثقب الأسود الضوء المار بجانبه بفعل الجاذبية، وهو يبدو لمن يراقبه من الخارج كأنه منطقة من العدم؛ إذ لا يمكن لأي إشارة أو موجة أو جسيم الإفلات من منطقة تأثيره فيبدو بذلك أسود.
وقد أمكن التعرف على الثقوب السوداء عن طريق مراقبة بعض الإشعاعات السينية التي تنطلق من المواد عند تحطم جزيئاتها نتيجة اقترابها من مجال جاذبية الثقب الأسود وسقوطها في هاويته.
لتتحول الكرة الأرضية إلى ثقب أسود يجب أن تتحول إلى كرة نصف قطرها 0.9 سم وكتلتها نفس كتلة الأرض الحالية أي انضغاط مادتها لجعلها بلا فراغات بينية في ذراتها وبين جسيمات نوى ذراتها وذلك يجعلها صغيرة ككرة الطاولة في الحجم وكتلتها الهائلة تبقى على ما هي عليه؛ حيث إن الفراغات الهائلة بين الجسيمات الذرية نسبة لحجمها الصغير يحكمها قوانين فيزيائية لا يمكن تجاوزها أو تحطيمها في الظروف العادية.
ينشأ الثقب الأسود عندما ينتهي عمر أحد النجوم البالغة الأكبر (حجما) وينتهي وقوده، فينفجر وينهار على نفسه. ويتحول النجم من سحابة كبيرة عظيمة إلى تجمع صغير محدود جدا للمادة المكثفة. ويعمل ذلك التجمع المادي المركز على جذب كل ما حوله من جسيمات أو أي مادة أخرى. وحتى فوتونات الضوء لا تفلت منه بسبب جاذبيته الخارقة، فالثقب الأسود لا ينبعث منه ضوء.
ولكن كل ما ينجذب وينهار على الثقب الأسود يكتسب سرعات عالية جدا وترتفع درجة حرارتها. وتستطيع التلسكوبات الكبيرة على الأرض رؤية تلك الدوامات الشديدة الحرارة. أي أن الثقب الأسود يفصح عن نفسه بواسطة شهيته وجشعه لالتقاط كل مادة حوله. ولا يتعين علينا أن نخاف لأن الفلكيين لم يجدوا أي ثقب أسود بالقرب من المجموعة الشمسية.
منطقة توجد في الفضاء ذات كثافة مهولة أي تحوي كتلة بالغة الكبر بالنسبة لحجمها تفوق غالباً مليون كتلة شمسية، وتصل الجاذبية فيها إلى مقدار لا يستطيع الضوء الإفلات منها، ولهذا تسمى ثقبا أسوداً.
مكونات الثقب الأسود
يتكون الثقب الأسود بتجمع مادة كثيرة تنضغط تحت تأثير جاذبيتها الخاصة، وتلتهم معظم ما حولها من مادة حتى تصل إلى حالة ثقب أسود، وكل هذا يحدث فيها بفعل الجاذبية، وهي نفس قوة الثقالة التي تتكون بواسطتها النجوم ولكن النجوم تتكون من كتل صغيرة نسبياً؛ فالشمس مثلًا لها كتلة شمسية أما الثقب الأسود فهو يكون أكثر كتلة من 1 مليون كتلة شمسية.
تزداد الكثافة للثقب الأسود (نتيجة تداخل جسيمات ذراته وانعدام الفراغ البيني بين الجسيمات)، فتصبح قوّة جاذبيته قوّية إلى درجة تجذب أي جسم يمر بالقرب منه مهما بلغت سرعته وتبتلعه، وبالتالي تزداد كتلة المادة الموجودة في الثقب الأسود، وبحسب النظرية النسبية العامة "لأينشتاين "فإن جاذبية ثقب أسود تقوّس الفضاء حوله مما يجعل شعاع ضوء يسير فيه بشكل منحني بدلًا من سيره في خط مستقيم.
أخبار متعلقة :