الرياض - محمد الاطلسي - استقال مهندس حربي أفغانستان والعراق ومن وصف بجلاد الشرق الأوسط، وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، في 18 ديسمبر عام 2006، وحتى وفاته في عام 2021 لم يعترف بالكوارث التي سببها.
أطلقت عليه الكثير من الصفات المجلجلة مثل صانع الكوارث والوزير الدموي، وسيد التعذيب الوحشي في السجون العراقية.
كل هذه الألقاب استحقها بعد عودته إلى تولي وزارة الدفاع الامريكية وهو في عمر 68 عاما في الفترة بين عامي 2001 – 2006، فيما كان تولى هذا المنصب سابقا بين عامي 1975 – 1977 في عهد الرئيس جيرالد فورد، ولم يتجاوز 43 عاما، وكان أصغر من تولى هذا المنصب في التاريخ الأمريكي.
نُعي هذا السياسي الأمريكي الشهير ورجل الأعمال أيضا الذي كان توفى بعد معاناة مع مرض "المايلوما" المتعددة، وهو نوع خطير من سرطان الدم في 29 يونيو 2021، من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، بقولها : "كان دون رامسفيلد موظفا رائعا ومتفانيا. كان أيضا صديقا جيدا وتحمل العديد من المحاكمات بعد 11 سبتمبر. سأفتقده كزميل وكصديق".
أما جورج بوش الابن فكال المديح لرامسفيلد وقال عنه إنه "رجل تمتع بالذكاء والصدق والطاقة التي لا تنضب تقريبا"، مشير في السياق إلى أن تحديات غير مسبوقة مرت بها الولايات المتحدة والجيش الأمريكي "كشفت عن أفضل صفات الوزير رامسفيلد".
بالمقابل، قال عنه مؤلف كتاب "بلاك ووتر: صعود أقوى جيش مرتزق في العالم"، جيريمي سكاهيل إن "دونالد رامسفيلد كان مجرم حرب لا يرحم قاد التعذيب المنهجي والقتل الجماعي للمدنيين والحروب غير القانونية. هذا هو إرثه والكيفية التي يتوجب تذكره بها إلى الأبد".
صحيفة الغارديان البريطانية من جهتها ذكرت أن "اسم دونالد رامسفيلد سوف يرتبط إلى الأبد بأكبر إخفاق عسكري في تاريخ الولايات المتحدة، غزو العراق عام 2003 سعيا وراء أسلحة دمار شامل غير موجودة، فضلا عن الاستخدام الواسع النطاق للتعذيب، الذي أصبح منذ ذلك الحين وصمة عار على سمعة أمريكا. سيذكر رامسفيلد ليس فقط لقراراته السيئة كوزير للدفاع، ولكن أيضا لمحاولاته لإخفاء الحقائق المزعجة التي لا تتوافق مع روايته للواقع".
أما صحيفة نيويورك تايمز فقد وصفته بأنه "أطلق حربا مكلفة ومثيرة للجدل في العراق دمرت حياته السياسية واستمرت لسنوات عديدة بعد رحيله"، مضيفة بهذا الشأن أن رامسفيلد "لم يعترف بالفشل وحذر في خطاب الوداع الذي ألقاه في البنتاغون من أن مغادرة العراق قد تكون خطأ فادحا. على الرغم من أن الحرب بأكملها، كما اكتشفت البلاد، بنيت على الأكاذيب".
من بين "إرث" رامسفيلد الغريب والمدهش عبارته الشهيرة التي صدرت عنه في عام 2002 للإيهام بوجود أدلة قاطعة على امتلاك الرئيس العراقي صدام حسين أسلحة نووية أو بيولوجية او كيماوية وأن مثل هذه الأسلحة قد يسلمها صدام إلى تنظيم القاعدة: "ثمة أشياء نعرفها، ونعرف أننا نعرفها، وثمة أشياء نعرفها، ولا نعرف أننا نعرفها، وثمة أشياء لا نعرفها، ونعرف أننا لا نعرفها، وثمة أشياء لا نعرفها ولا نعرف أننا لا نعرفها".
حرب بوش الابن ورامسفيلد التي زُعم أنها "حرب عالمية على الإرهاب" أودت بحسب جامعة براون، بحياة أكثر من 800000 شخص، وتسببت في نزوح ما لا يقل عن 37 مليون شخص، فيما أنفقت الحكومة الأمريكية 6.4 تريليون دولار على تلك المغامرات الدموية.
مع ذلك، أصر رامسفيلد في مذكرات صدرت في عام 2011 بأنه غير نادم على غزو العراق الذي أطاح بصدام حسين، لأن ذلك "ساعد على استقرار الوضع في الشرق الأوسط"، أما نوافير الدم والخراب في أعقاب الاحتلال فقد قال عنها رامسفيلد "هذا أمر لا مفر منه"، مشيرا إلى أنه " في كل مرة يحدث فيها تغيير للنظام، فإن الفترة الانتقالية ليست مثالية".
الأكثر طرافة يدور حول دوره في "إدارة" التعذيب في السجون الأمريكية في العراق فترة الاحتلال، حيث كان من دعاة أساليب الاستجواب "المعززة" بوسائل "التعذيب" بما في ذلك في غوانتانامو، ومنها السماح بإجراء استجواب لمدة 20 ساعة والضغط على المعتقلين من خلال إرهابهم.
من ذلك أن رامسفيلد باعتباره وزيرا للدفاع حينها، كان سمح للمحققين، بحسب مذكرة كان وقعها، بإجبار السجناء على الوقوف في وضع واحد لمدة تصل إلى أربع ساعات على الأكثر، واعتقد رامسفيلد أن تلك الفترة كانت قليلة جدا، وترك ملاحظة بخط اليد في الهامش تقول: "أقف ما بين 8 إلى 10 ساعات في اليوم. لماذا تحدون من مكانة السجناء إلى أربع ساعات؟".