نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث تفاصيل خبر في ذكرى ميلاد عبد الفتاح القصري.. سيد الكوميديا الباكية وصاحب “كلمتي ما تنزلش أبدًا" (تقرير) في المقال التالي
أحمد جودة - القاهرة -
في مثل هذا اليوم، 15 أبريل، تحل ذكرى ميلاد أحد أعمدة الكوميديا المصرية، الفنان الراحل عبد الفتاح القصري، الذي وُلد عام 1905 بحي الجمالية، وترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة الفن العربي، رغم النهاية المأساوية التي اختتمت رحلته.
من الفرير إلى المسرح
تلقى القصري تعليمه في مدرسة “الفرير” الفرنسية، ثم في مدرسة “القديس يوسف” بالخرنفش، ما منحه ثقافة واسعة ولغة فرنسية أتقنها، وهو ما ساعده لاحقًا على أداء أدوار متعددة بتلوينات ثقافية مميزة، حيث بدأ مشواره الفني مع فرقة عبد الرحمن رشدي، ومنها إلى فرقتي عزيز عيد وفاطمة رشدي، قبل أن يستقر في فرقة نجيب الريحاني، التي شكلت التحول الأبرز في حياته.
المعلم ابن البلد.. والكوميديا التي لا تموت
اشتهر عبد الفتاح القصري بتجسيد شخصية “المعلم” الشعبي بطريقته الفريدة، فكان الرجل الطيب، الساذج أحيانًا، الذي يخسر المعارك لصالح زوجته أو خصومه، لكن يربح ضحك الجمهور دومًا. أبرز هذه الشخصيات كانت في فيلم “ابن حميدو” بدور “المعلم حنفي شيخ الصيادين”، الذي خلّد فيه عبارته الشهيرة: “كلمتي ما تنزلش أبدًا يا صفية!”، وهي جملة تحوّلت إلى أيقونة كوميدية باقية في وجدان الجمهور حتى اليوم.
رفيق إسماعيل ياسين وأفلام لا تُنسى
كوّن القصري ثنائيًا لا يُنسى مع إسماعيل ياسين في عدد من الأعمال الكلاسيكية مثل “حماتي قنبلة ذرية”، و”إسماعيل يس في مستشفى المجانين”، و”متحف الشمع”، لم تكن هذه الأفلام مجرد نكات عابرة، بل جسدت كوميديا إنسانية عبثية عكست واقع الطبقة الوسطى والبسيطة في مصر الخمسينيات.
مأساة على المسرح ونهاية حزينة
في عام 1960، وأثناء مشاركته في عرض مسرحي أمام الجمهور، فقد القصري بصره فجأة بسبب مضاعفات مرض السكري.
كما ظن الجمهور أن ما يحدث جزء من العرض، فانهالت الضحكات والتصفيق، بينما أدرك إسماعيل ياسين أن صديقه ينهار فعليًا، ليوقف العرض ويهرع به إلى المستشفى. لكن الضرر كان قد وقع، وفقد القصري بصره نهائيًا.
رحل القصري في 8 مارس 1964، عن عمر ناهز 59 عامًا، في ظروف معيشية صعبة، بعد أن تخلّى عنه الجميع، حتى أقرب الناس إليه، عاش سنواته الأخيرة في عزلة وفقر، بعد أن طلقته زوجته وتزوجت من صديقه، ليبقى فقط في حضن والدته التي لازمته حتى وفاتها.
إرث خالد رغم الألم
ترك عبد الفتاح القصري خلفه أكثر من 60 فيلمًا ومسرحية، صارت مرجعًا لأجيال من الكوميديانات والممثلين، الذين رأوا فيه عبقرية الأداء العفوي، والبساطة المركبة، والقدرة على تحويل المأساة إلى ضحكة صافية.
يظل القصري مثالًا لفنانٍ ضحكنا معه كثيرًا، وبكينا من أجله دون أن نشعر، لأنه باختصار.. كان يضحك من القلب، بينما يخفي وجعًا عميقًا لا يراه أحد.